أنين بعد الرحيل " نونية ابن زيدون "
--------------------------------------------------------------------------------
أَضْحَى التَّنَائِي بَدِيْلاً مِنْ تَدانِيْنا * * * وَنَابَ عَنْ طِيْبِ لُقْيَانَا تَجَافِيْنَا
ألا وقد حانَ صُبح البَيْنِ صَبَّحنا * * * حِينٌ فقام بنا للحِين ناعِينا
مَن مُبلغ المُبْلِسينا بانتزاحِهم * * * حُزنًا مع الدهر لا يَبلى ويُبلينا
أن الزمان الذي ما زال يُضحكنا * * * أنسًا بقربهم قد عاد يُبكينا
غِيظَ العِدى من تساقينا الهوى فدعوا * * * بأن نَغُصَّ فقال الدهر آمينا
فانحلَّ ما كان معقودًا بأنفسنا * * * وانبتَّ ما كان موصولاً بأيدينا
لم نعتقد بعدكم إلا الوفاءَ لكم * * * رأيًا ولم نتقلد غيرَه دينا
ما حقنا أن تُقروا عينَ ذي حسد * * * بنا، ولا أن تسروا كاشحًا فينا
كنا نرى اليأس تُسلينا عوارضُه * * * وقد يئسنا فما لليأس يُغرينا
بِنتم وبنا فما ابتلت جوانحُنا * * * شوقًا إليكم ولا جفت مآقينا
نكاد حين تُناجيكم ضمائرُنا * * * يَقضي علينا الأسى لولا تأسِّينا
حالت لفقدكم أيامنا فَغَدَتْ * * * سُودًا وكانت بكم بيضًا ليالينا
لا تحسبوا نَأْيكم عنا يُغيِّرنا * * * أن طالما غيَّر النأي المحبينا
والله ما طلبت أهواؤنا بدلاً * * * منكم ولا انصرفت عنكم أمانينا
فما اسْتَعَضْنا خليلاً مِنك يَحْبسنا * * * ولا استفدنا حبيبًا عنك يُثْنينا
عليكِ مِني سلامُ اللهِ ما بَقِيَتْ * * * صَبَابةٌ منكِ نُخْفِيها فَتُخفينا